اعظم نعمة نعمة الاسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
•《 أعظَمُ نِعْمَةٍ نِعْمَةُ الإِسْلَامِ 》•
《خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَه》
《تَفسِيرُ سُورَةِ يَس》(5)
الحَمْدُ للهِ علَى نِعْمَةِ الإِسْلَامِ وَكَفَى بِهَا مِن نِعْمَةٍ.
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ أَي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذُنُوبِكُم وَمَا تَأخَّرَ مِمَّا أَنْتُم تَعْمَلُونَ مِن بَعْدُ، أَوْ مِنْ مِثْلِ الوَقَائِعِ التَي ابتُلِيَت بِهَا الأُمَمُ الـمُكَذّبَةُ بِأنْبِيَائِهَا،وَمَا خَلْفَكُمْ مِنْ أَمْرِ السَّاعَةِ أَوْ فِتْنَةِ الدُّنيَا وَعُقُوبَةِ الآخِرَةلعلّكم تُرحمون أي لِتَكُونُوا عَلَى رَجَاءِ رَحْمَةِ الله. وَجَوَابُ إِذَا مُضْمَرٌ أَي أَعْرَضُوا وَجَازَ حَذْفُهُ لِأَنَّ قَوْلَه﴿وَمَا تَأتِيهِم مّن ءَايَةٍ مّنْ ءَايَاتِ رَبّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ بَدَلٌ عَلَيْه. مِن هَذَا يُفْهَمُ أَنَّ فِي الآيَةِ السَّابِقَةِ يُقَدَّرُ أعرَضُوا وَمِنِ الأُولَى لِتَأكِيدِ النَّفِي وَالثَّانِيَةُ للـــتَّـــبْعِيض أَي وَدَأبُهُمُ الإعرَاضُ عِنْدَ كُلّ ءَايَةٍ وَمَوْعِظَة﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ﴾ وإذا قيل لهم أي لِمُشْرِكِي مَكَّة أنفقوا أَي تَصَدَّقُوا عَلَى الفَقَرَاء مما رزقَكُمُ الله﴿قَالَ الَّذينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَآءُ اللهُ أَطْعَمَهُ﴾ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا كَانَ بِمَكَّةَ زَنَادِقَة فَإِذَا أُمِرُوا بِالصَّدَقَةِ عَلَى الـمسَاكِينِ قَالوا "لا واللهِ أَيُفْقِرُهُ اللهُ وَنُطْعِمُهُ نَحْنُ"﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ الظَّاهِرُ أَنَّهُ حِكَايَةُ قَوْلِ الـمُؤمِنِينَ لَهُم، أَو هُوَ قَوْلُ اللهِ لَهُم، أَوْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ جَوَابِهِم للمُؤمِنِين.
﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {48} مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ {49} فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَآ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ {50} وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مّن الأَجْدَاثِ إِلَى رَبّهِمْ يَنْسِلُونَ {51} قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الـمُرْسَلُونَ {52} إِنْ كَانَت إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُم جُمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ {53﴾﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ أَي يقول المشركون متى وَعْدُ البَعْثِ وَالقِيَامَةإن كنتم صادقين فِيمَا تَقُولون، وهو خِطَابٌ منَ المشركينَ للنَّبِيّ وَأَصْحَابِه﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ﴾ أَيْ مَا يَنْتَظِرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً وَهِيَ النَّفْخَةُ الأُولَى وهم يَخِصّمُونَ وَالـمَعْنَى تَأخُذُهُم وَبَعْضُهُم يَخْصِمُ بَعْضًا فِي مُعَامَلَاتِهِم ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَآ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾ أَيْ فلَا يَسْتَطيعُونَ أَنْ يُوصُوا فِي شَىءٍ من أُمُورِهِم تَوْصِيَةً، وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى الرجُوعَ إلَى مَنَازِلِهِم بَل يَمُوتُونَ حَيْثُ يَسمَعُونَ الصَّيْحَة.
﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ هِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ، وَالصُّورُ القَرْنُ أَو جَمْعُ صُورة. عِنْدَمَا تُعَادُ أَجْسَادُهُم التي صَارَت تُرَابًا، عن هّذِهِ يُقَالُ جَمْعُ صُورة مَعْنَاهُ هذِهِ الأجْسَام. صوْتُ نَفْخِ إسْرَافِيل يَصِلُ إِلَى هذِهِ الأجْسَامِ الجَدِيدَة﴿فَإِذَا هُم مّن الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِهِمْ يَنْسِلُونَ﴾ من الأجداث أي القُبُور، ينسِلونأي يَعْدُون، أي يَجْرُون﴿قَالُوا﴾ إي الكُفَّار﴿يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا﴾ مَن أَنْشَرَنَا مِن مَضْجَعِنَا. وَمَا يَرويهِ بَعْضُهُم من أن لِلكُفَّارِ مَضْجَعَةٌ يَجِدُونَ فِيهَا طَعْمَ النَّوْم فَغَيْرُ صَحِيح بَلِ الصَّحِيحُ أَنَّ الكُفَّارَ لَا يَنَامُون، أَمَا الـمُسلِمُ يَنَامُ نُومًا حَقِيقِيًا بِرَاحَة، أَمَا الكُفَّارُ مِن شِدَّةِ الفَزَعِ يَقُولُون ﴿مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا﴾ مَعْنَاهُ بَعْدَ خُرُوجِنَا مَا نَسْتَقْبِلُهُ أَشَدُّ عَلَيْنَا فَإذَا صِيحَ بِأَهْلِ القُبُور قَالوا ﴿مَنْ بَعَثَنَا﴾.
﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الـمُرْسَلُونَ﴾ كَلَامُ الـمَلَائِكَة أَوِ الـمُتَّقِين أَوِ الكَافِرِين، يَتَذَكَّرُونَ مَا سَمِعُوهُ مِنَ الرُّسُلِ فَيُجِيبُونَ بِهِ أَنْفُسَهُم أَوْ بَعْضهُم بَعْضًا أَوْ ﴿مَا﴾ مَصْدَرِيَّةٌ وَمَعْنَاهُ هَذَا وَعْدُ الرَّحْمَنِ وَصِدْقُ الـمُرْسَلِين عَلَى تَسْمِيَةِ الـمُوْعُودِ وَالـمَصْدُوقِ فِيهِ بِالوَعْدِ وَالصّدْق أَوْ مَوْصُولَةٌ وَتَقْدِيرُهُ هَذَا الذِي وَعَدَهُ الرَّحْمَنُ وَالذِي صَدَقَهُ الـمُرسَلُون أَيْ وَالذِي صَدَقَ فِيهِ الـمُرسَلُون ﴿إِنْ كَانَت إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُم جُمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ إن كانت أي النَّفخَةُ الأخِيرة، فالصَّيحَةُ الأولَى مَمْتَدَّةٌ لِلعَذَاب أَمَا الثَّانِيَةُ أَخَفُّ وَقتًا لِأَنَّهَا لِلإعَادَةِ إِلَى الحَيَاة،فَإِذَا هُم جُمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ أي فإذا هم جميعًا مجموعُونَ لِلحِسَاب والمعنى أنَّ كلَّهم محشُورُون مجموعونَ مُحضَرونَ للحِساب ﴿فَالَيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَونَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {54} إِنَّ اَصْحَابَ الجَنَّةِ اليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ {55} هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الأَرَآئِكِ مُتَّكِؤنَ {56}
لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ {57} سَلَامٌ قَوْلًا مّنْ رَبّ رَّحِيمٍ {58} وَامْتَازُوا اليَوْمَ أَيُّهَا الـمُجْرِمُونَ {59}﴾.
وإلى لقاء آخر إن شاء الله .
جَزَى اللَّهُ مُحَمَّدًا عَنَّا خَيْرًا ﷺ
لَا تَنْسَوْنَا مِنْ دَعْوَةٍ صَالِحَةٍ فِي ظَهْرِ الغَيْبِ.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|